عقدت دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة ملتقى خدمات كبار السن ال11 والذي أقيم تحت شعار "مسارات الشيخوخة الإيجابية" وأقيم برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، رئيس المجلس التنفيذي، صباح يوم الخميس في الجامعة القاسمية، ويتزامن انعقاده مع يوم المسن العالمي الذي يصادف الأول من شهر اكتوبر.
وجاء الافتتاح بلوحة من الفن الإماراتي التراثي قدمها كبار المواطنين تضمنت صنوف من الأغاني الشعبية لفن النهام القديم، كما تم عرض فيديو يحمل رسالة مفادها أن كبار المواطنين قادرون على العطاء والإنتاج والإندماج بمحيطهم الاجتماعي.
وقال أحمد الميل مدير دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة في كلمته: أن الملتقى إنما هو احتفالا تقديراً وعرفاً لأيادي بنت المجتمعات وأوصلتنا إلى ما نحن عليه من تقدم وازدهار، وتجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تتمثل في قوله "الإنسان هو الثروة الحقيقية والاستثمار الامثل للمجتمعات" وعملا على توجيهات سموه بالحرص على تطوير الخدمات الاجتماعية من خلال أحدث الممارسات والنظريات العلمية في الخدمة الاجتماعية على مستوى كافة أفراد المجتمع.
أشاد الميل بالجهود التي تبذلها إمارة الشارقة، لتوفير بيئة إيجابية مستدامة لكبار المواطنين، والعمل على دمجهم بالحياة الاجتماعية من خلال مشاركتهم بمعظم الفعاليات التي تنظمها الإمارة، والتي مكنتها لتكون عضوا فاعلا في الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن والتي تعد الشارقة عضوا فيها، لتماشيها مع المعايير العالمية للشبكة التي طبقتها المؤسسات والدوائر والإدارات الحكومية والمحلية والخاصة.
أمضى حياته في خدمة الوطن
وألقى أحمد بن عسكر النقبي كلمة كبار المواطنين وهو نموذج حي، أمضى حياته في خدمة الوطن ولم يتوقف عن عمله بعد التقاعد حيث كان من الرعيل الأول في سلك الطيران الحربي وبعدها حصل على شهادة الحقوق ويمارس المحاماة إلى يومنا هذا. وقال في كلمته التي ألقاها باسم كبار المواطنين: كواحد من كبار المواطنين، أحمد الله على كل النعم التي أنعم الله بها علينا جميعا وهي لا تعد ولا تحصى من نعمة الصحة والعافية، نعمة الأمن والأمان، نعمة المجتمع المتلاحم، وعلى رأس هذه النعم؛ نعمة القيادة الرشيدة؛ التي سخرت لنا كل السبل للحصول على الخدمات المتنوعة التي يستفيد منها كبار المواطنين من رعاية صحية وخدمات اجتماعية متنوعة، متوجها بالشكر إلى إمارة الشارقة التي منحتنا التنمية الشاملة والعادلة وعززت شراكتنا الاجتماعية بشتى السبل، وإعتنت بكبار المواطنين واهتمت بهم وبصحتهم، وقدمت لهم الخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية المجانية، ليتمتعوا برعاية طبية مجانية مباشرة، بالإضافة إلى المبادرة التي أمر بها صاحب السمو حاكم الشارقة، بتوفير عيادات طبية متنقلة ورعاية منزلية تخدم كبار المواطنين في بيوتهم، وآخرها مشروع علاج الأسنان المخصص لكبار المواطنين في مستشفيات الإمارة. وختم بالقول: سيدي أبو محمد ولي أمرنا، حاكم الشارقة عطاؤكم لا ينضب، وسعيكم مشكور ولا يسعنا إلا أن نقول حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم.
القلب الأخضر
ومن ثم تم تكريم الفائزين في جائزة "القلب الأخضر" وعددهم 5 من كبار المواطنين، والجائزة أطلقها مكتب الشارقة مراعية للسن في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، في دورتها الأولى، وتعد الأولى من نوعها مخصصة لكبار المواطنين، على المستوى المحلي والإقليمي.
مؤسسات مراعية
كما تم تكريم المؤسسات التي استوفت الشروط والمعايير المطلوبة للحصول على لقب مؤسسات مراعية للسن، لهذا العام وعددها 14 مؤسسة، ومنحت الجهات هذا اللقب وفق معايير واشتراطات هندسية ومعايير للخدمات الميسرة والتمكين المجتمعي لكبار السن، ومنحت الجهات التي اجتازت 80% من المعايير اعتماد مبانيها كمؤسسات مراعية للسن.
15 جهة
وشارك في الملتقى 15جهة محلية وعربية وأجنبية، يأتي في مقدمتها منظمة الصحة العالمية في جنيف والتي تعد شريكا أساسيا في الملتقى، وتضمن الملتقى 4 جلسات، ناقشت الأولى المسار الإبداعي لكبار السن، وشاركت فيها مدير البرنامج الإقليمي- الصديقة للعمر الدكتور آن ريزو، وتحدثت عن تجربة إيرلندا في جلسة حوارية تفاعلية، واستعرضت خلالها مبادرات إبداعية ومبتكرة لخدمات كبار السن في إيرلندا، واشارت إلى البرنامج الإيرلندي هو مؤسسة مجتمعية قائمة على الدعم الحكومي من الحكومة الإيرلندية من أجل خدمة كبار السن؛ متطرقة إلى الرؤية التي يقوم عليها البرنامج من خلال تسليط الضوء على كل ما هو مفيد لكبار السن من حيث الرعاية الصحية والاجتماعية مروراً بالحياة الرفاهية، كما يطلق البرنامج العديد من المشاريع والمبادرات المعنية بكبار السن، مما ساهم في تشجيع العديد من كبار السن للاعتماد على النفس من خلال التحرك والتحرر ليمارسوا حياتهم بشكل طبيعي في مختلف الحياة العامة، فضلاً عن أن البرنامج بطلق العديد من الأدلة الارشادية العامة، مشيرة إلى أن من ضمن السياسات التي يقوم عليها البرنامج تشحيع أفراد المجتمع من الشباب ليكونوا سفراء للمدن المراعية للسن.
كما شارك عمير عبيد الرميثي رئيس قسم الرعاية المنزلية في هيئة تنمية المجتمع، في الجلسة، مستعرضا مبادرات إبداعية طبقتها الهيئة لكبار المواطنين، مثل البطاقات المدفوعة وخدمة وليد لكبار المواطنين الذين يقيمون بمفردهم والخط الساخن، كما وفرت الهيئة على خدمة SOS المتوفرة على أجهزة الهواتف الذكية نظام طوارئ، وسيتم خلال الأيام المقبلة إطلاق مبادرة "الراحة المؤقتة" سيعلن عن تفاصيلها في أوانه.
واجب على الجميع
وشاركهم الجلسة الرائد محمد سليمان الشحي من هيئة الرعاية الأسرية في أبو ظبي، والذي أكد بأن خدمة كبار السن هو واجب على الجميع لكونهم أساسنا وهويتنا لذا نسعى بالهيئة لتوفير كافة الخدمات لجودة الأسرة بمنظور شمولي لها من خلال معرفتها وتفصيليها وعمل الدراسات والبحوث ومنها دراسة الاحتياجات الاجتماعي المتغير للأسر والتي يعمل عليها الدعم الأسري. وأكد الشحي على أن الوعي بواقع المسن واحتياجاته للمصاحبة والمشاركة في كافة الفعاليات من المجتمع هو نصف المشوار، أضافة إلى وضعه في المكان الصحيح وفي محيطه الحقيقي.
خدمات نوعية
كما تحدث في الجلسة العقيد علي سيف الذباحي نائب مدير إدارة مركز بحوث شرطة الشارقة، متناولا مبادرات الدعم الاجتماعي والذي يضم فريق متخصص لاحتواء كبار المواطنين مشيراً أن 9192 حالة لنقل طريحي الفراش تمت خلال 2021-2022. وقال أن الفريق يخضع لدورات تدريبية باستمرار لتطوير قدراته وخدماته بهدف تقديم خدمة نوعية.
مشاريع إبداعية
ومن ثم تحدثت في الجلسة الحوارية خلود آل علي مدير مركز خدمات كبار السن في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، واستعرضت بعض المشاريع الإبداعية الجديدة، مثل برنامج "الجليس الافتراضي" والذي يبقى على تواصل مع كبير السن المقيم بمفرده، بحيث يتواصل معه موظف من المركز خلال الدوام الرسمي وبعده لمتابعة شؤونه ومراقبة تناوله للأدوية بحينها وسؤاله عن احتياجاته وتوفيرها على الفور وذلك من خلال شاشة إفتراضية بعد أخذ موافقته، وبرنامج "المختبر المعيشي" وهوعبارة عن غرفة ذكية تم تنفيذها مع كبار المواطنين داخل مركز الرعاية أو في المنزل لتمكينهم للتكيف مع الظروف، بالإضافة إلى خدمة "مشوار" الذي يوفر تنقل كبار المواطنين إلى المكان الذي يريده من خلال توفير المواصلات لتنقله بعد تسجيل طلبه.
مسن فاعل
وتحدثت مريم السلمان رئيس جمعية الإمارات لأصدقاء كبار المواطنين، والتي تعمل بمبدأ أسرة دائمة ومجتمع مشترك ومسن فاعل، والتي تقوم بتنظيم حلقات ولقاءات لكبار المواطنين، كما ارتكز على الأشخاص المقبلين على سن الشيخوخة، ليصلوا إلى شيخوخة سعيدة ومن دون ضغوط، بالإضافة إلى الأنشطة ومسابقات المشي، والأسرة الداعمة للمسن، كما تحفز نشر ثقافة الجمعية على احترامهم في الأماكن العامة واعطائهم الأولوية، مشيرة بأن البعض يتعرضون للمضايقات خلال قيادتهم للسيارات من الآخرين، ونصحت بضرورة وضع ملصق على السيارة يفيد أن السائق من هذه الفئة.
تعديل قانون المعاشات
والمتحدث الأخير في الجلسة كان عبيد حديد الخميسي رئيس جمعية المتقاعدين بالإمارات الذي أشار بضرورة الالتفافة الى حقوق المتقاعدين وخاصة المالية منها مشيرة الى ضرورة تعديل القانون المعني بهم لكونه قديم جدا، ما يساعد المتقاعدين على تحسين أوضاعهم وظروفهم المادية. موجها الشكر الى بعض المؤسسات التي عملت اتفاقيات للمتقاعد بتخفيض أسعار الطيران، والاتصالات.
المسار المعرفي
وحملت الجلسة الثانية عنوان "المسار المعرفي" وقدمها الدكتور راضي الزبيدي مدير مركز التعليم المستمر والتطوير المهني في جامعة الشارقة بورقة عمل عن أهمية التدريب بإتخاذ الخطوات الإيجابية لكبار السن. وطرح نموذج ناجح وهو الذي تقوم به دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة والتي تولي اهتماما كبيرا لكبار المواطنين من حيث تقديم مختلف الخدمات المتنوعة وهو البرنامج التدريبي "صحتي حياتي" وتم تنظيمه بمركز التعليم المستمر والتطوير المهني في جامعة الشارقة لمجموعة من كبار المواطنين في الشارقة وخورفكان وكلباء.
واستعرض الاهتمام العالمي بمشاكل الشيخوخة والتي لفتت انتباه العالم منذ العام 1978، بالمشاكل الخطيرة للشيخوخة كشريحة متزايدة من سكان العالم، ونتج عنه تنظيم جمعية عالمية للمسنين في عام 1982، أقرت 62 توصية لتعزيز العمل في مجالات الصحة والتغذية؛ وحماية المستهلكين المسنين؛ والإسكان والبيئة؛ والأسرة؛ والرعاية الاجتماعية؛ وتأمين الدخل والتوظيف؛ والتعليم والتدريب.
كما استعرض جهود دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بالجهات المحلية في الشارقة ودبي وأبوظبي. مشيراً إلى أن 14 ألف من كبار السن في الإمارات يحظون بمكانة اجتماعية رفيعة، باعتبارهم جزءاً مهما من البيئة الاجتماعية والثقافية والدينية الأصيلة، ويستفيدون من الخدمات التي تقدم لهم من جميع المؤسسات، سواء كانت اتحادية أو محلية.
البيئة المثلى
وفي مشاركتها بالجلسة الثانية للملتقى تناولت أسماء الخضري مدير مكتب الشارقة مدينة مراعية للسن في دائرة الخدمات الاجتماعية، التوجه الاستراتيجي لإمارة الشارقة ورؤيتها المراعية للسن والبيئة المثلى لعيشوا الناس بكافة أعمارهم فيها برفاهية.
أما رسالتها فهي إيجاد بيئة مادية وصحية واجتماعية واقتصادية وحضارية شاملة مستدامة تتيح لكبار السن المقيمين فيها الاستفادة من مواردها بسهولة ويسر وصولا لشيخوخة صحية فعالة وتحسين نوعية الحياة لهم ومشاركتهم لخبراتهم مع الآخرين للمساهمة في تحقيق تنمية المجتمع. وتعتمد على أسس الديمومة والمساواة والمناصرة.
تعزيز الصحة النفسية
وتطرقت الدكتورة سلوى السويدي، استشاري طب الأمراض الباطنية وطب المسنين، في الجلسة الثالثة عنوانها "المسار النفسي" إلى آليات تعزيز الصحة النفسية لدى كبار السن، وسلطت الضوء على أهم ما يتعرض له كبير السن من الاضطرابات والمشكلات النفسية، وخرف الشيخوخة أو الزهايمر والاكتئاب، بالإضافة إلى عوامل الأخرى المتعلقة بمشاكل الصحة النفسية بين كبار السن.
جودة الحياة
وبدوره، تناول الدكتور عبشان محمد العبشان، استشاري علم النفس، من المملكة العربية السعودية؛ عن الرفاه النفسي وجودة الحياة لدى كبار السن، وكيفية وضع استراتيجيات لتعزيز جودة الحياة لهذه الفئة من خلال التأكد من توفر الوسائل والأدوات الصحيحة لقياس فاعلية البرامج المقدمة للمسنين بهدف إدخال التحسينات اللازمة.
وعرض خلالها نماذج من نتائج دراسات الرفاه النفسي و جودة الحياة لدى كبار السن، ارتمزت في مجملها على أن هناك وجود علاقة بين إرادة الحياة وبين الرفاهية النفسية إلى جانب وجود علاقة بين التسامح والرفاهية النفسية والتي تعد من المتطلبات الأساسية لتحقيق الصحة النفسية الإيجابية.
دعم كبار السن
ومن جانبها؛ قدمت الدكتورة سمر الفقي، المستشار الإقليمي لتعزيز الصحة والمحددات الاجتماعية للصحة، بمنظمة الصحة العالمية بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، ، في الجلسة الرابعة عنوانها "المسار الاجتماعي" مؤكدة أن أبرز البرامج لدعم هذه الفئة هي الآليات السليمة ليتمتع كبير السن بالصحة في مرحلة الشيخوخة، وهي عملية تطوير القدرات الوظيفية التي تمكّن من التمتع بالعافية في الكبر والحفاظ عليها، وتتمثل هذه القدرة على الأداء في التمتع بالقدرات التي تمكّنهم من التعبير عن أنفسهم وما يشعرون به.
كما ناقشت الجهود التي تقدمها منظمة الصحة العالمية لكبار السن كهدف جـــامع يشـــمل جميـــع عناصـــر ومكونات الحياة والمعيشة التي تمكنهم مـن أداء أدوارهـم و?سـيما فـي الكبـر.
الابتكار الاجتماعي
وفي السياق ذاته؛ أفادت الدكتورة حياة يوسف ملّاوي، رئيس مركز إجلال لخدمات كبار السن، من المملكة العربية السعودية، تناولت مفهوم الابتكار الاجتماعي وأهميته فضلا عن مرحل الابتكار الاجتماعي في مجال كبار السن، وعلاقته بأهداف التنمية المستدامة.
وشرحت إلى ان أهمية الابتكار في حياة كبار السن يساهم في تعزيز القدرة على تلبية الاحتياجات الاجتماعية لكبير السن بطرق حديثة، حيث الطرق التقليدية غير قادرة على تلبية احتياجاته.
5 مجالات
أما الدكتور صلاح جاد، رئيس قسم الاجتماع بكلية الانسانيات والعلوم بجامعة عجمان، استعرض دليل عن تشخيص وعلاج كبار المواطنين، وتناول من 5 مجالات تمثلت في الجانب الروحي والعقلي والجسمي والاجتماعي والنفسي، مشيراً إلى أنه لا يوجد مكان أفضل للبحث من المناطق الزرقاء في العالم، وهو مصطلح علمي يعبر عن متوسط العمر المتوقع للسكان المحليين أعلى بكثير من المتوسط العالمي، وطرح نصائح للتعامل الصحيح مع الشيخوخة وأعراضها، مستهدفاً العاملين مع كبار السن، بما في ذلك كيفية مساعدة كبار السن على التكيف مع الحياة في أوضاعهم الجديدة، والدفاع عن احتياجات وحقوهم، وتقديم المشورة الداعمة وإجراء التقييمات النفسية والاجتماعية.